"إن الميت يعرف من غسله و يحمله و يكفنه، و من يدليه في حفرته"

بسم الله الرحمن الرحيم

أخرج أحمد و الطبراني في الأوسط و ابن أي الدنيا و المرزوي و ابن منده عن أبي سعيد الخدري
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:
"إن الميت يعرف من غسله و يحمله و يكفنه، و من يدليه في حفرته"

الحديث أخرجه أحمد و الطبراني في الأوسط و ابن أي الدنيا و المرزوي و ابن منده ، وأخرجه كذلك غيرهم مثل الخطيب في تاريخ بغداد وغيره ..

والحديث له طرف آخر ، بلفظ :
(إن الميت ليعلم من يغسله ومن يكفنه ومن يدليه فى حفرته) .
وقد أورده السيوطي في جامعه وعزاه لأحمد والطبراني والديلمي .

وقد ورد من عدة طرق في المسند بأسانيد مدارها على مجهول العين ، وكذا الحال عند الطبراني ..

قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أحمد والطبراني في الأوسط وفيه رجل لم أجد من ترجمه. اهـ

يقول الحافظ ابن حجر في كتابه اتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة :
رواه مسدد وأحمد بن حنبل بسند ضعيف لجهالة بعض رواته. اهـ

يقول العراقي في تخريج الإحياء :
رواه أحمد من رواية رجل عنه اسمه معاوية أو ابن معاوية نسيه عبد الملك بن حسن .
وللمزيد انظر تخريج أحاديث إحياء علوم الدين ، جمع الحداد ( 6/ 2624 ـ 2626 ) رقم 4052

والحديث ضعفه الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة ، وهاك تخريجه كاملا ً للحديث :
( إن الميت يعرف من يحمله ، ومن يغسله ، ومن يدليه في قبره ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 7 /141 :ضعيف
أخرجه احمد (3/ 3و62-63) ، والخطيب في "التاريخ" (12/ 212) ، و"الموضح" (2/ 122) ، والرافعي في "تاريخ قزوين" (2/ 467) - من طريق ابن أبي الدنيا - وهذا في كتاب "المنامات" (6) ، وأبو بكر العطار التنوخي في "حديث القاضي أحمد بن علي المروزي" (ق87/ 2) ، من طريق سعيد بن عمرو بن سليم قال : سمعت رجلاً منا - نسيت اسمه ، ولكن اسمه معاوية أو ابن معاوية - يحدث عن أبي سعيد الخدري : أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : ( فذكره ) ، فقال ابن عمر - وهو في المجلس - : ممن سمعت هذا ؟ قال : من أبي سعيد ، فانطلق ابن عمر إلى أبي سعيد ، فقال : يا أبا سعيد ! ممن سمعت هذا ؟ قال : من النبي صلي الله عليه وسلم .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، رجاله ثقات غير معاوية أو ابن معاوية ، وفي الموضع الثاني المشار إليه من "المسند" : "فلان بن معاوية أو معاوية بن فلان" ، وهو مجهول كما قال الحسيني ، وأشار إلى أنه من رجال "المسند" فأصاب . وأما الحافظ فقال في "التعجيل" :"لم أره في مسند أبي سعيد الخدري" !
وهذا منه عجيب ، فإنه في الموضعين المشار إليهما منه ! فجل من أحاط بكل شيء علماً .
وتابعه عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً به .

أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 78/ 2) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 208) عن إسماعيل بن عمرو البجلي : حدثنا فضيل بن مرزوق عنه به . وقال الطبراني :
"لم يروه عن فضيل إلا إسماعيل" .
قلت : هو ضعيف . ومثله عطية . ومن بينهما خير منهما !
(تنبيه) خلط الهيثمي بين الطريقين فقال في "المجمع" (3/ 21) :
"رواه أحمد ، والطبراني في "الأوسط" ، وفيه رجل لم أجد من ترجمه" .
وهذا الرجل إنما هو في طريق أحمد دون الطبراني كما رأيت .
ثم رأيت الحديث في "تاريخ قزوين" للرافعي (3/ 303) من طريق محمد ابن عمرو بن الحسن : حدثنا الفضيل بن مرزوق به .
لكن محمد بن عمرو بن الحسن لم أعرفه . انتهى كلام الألباني رحمه الله .

هذا بالنسبة للحديث المشار إليه والخلاصة أنه ضعيف ، أما بالنسبة لمسألة سماع الموتى فهي مسألة دقيقة فيها كلام طويل لأهل العلم ـ وسأنقل لك بإذن الله طرفا ً من بياناتهم للمسألة ، وبعضا ً من فتاويهم ـ

والخلاصة في المسألة أن الأموات لا يسمعون في الأصل ، إلا في استثناءات وردت بها النصوص ، مثل : بعد وضع الميت في القبر وسماعه قرع نعال المشيعين ، ومثل كلام القبر للميت ، ومثل سماع الميت السلام عليه ـ وفي بعض أحاديثه خلاف بين أهل العلم ـ ومثل قصة أصحاب قليب بدر عند تكليم الرسول صلى الله عليه وسلم إياهم ....
فألأصل عدم سماع الموتى ، إلا في حالات مستثناة وردت بها النصوص ، وعليه فلا يصح القياس فيها ، لأنها دائرة بين كونها أمر غيبي ، وبعضها معجزة من المعجزات للنبي صلى الله عليه وسلم مثل سماع أهل القليب له صلى الله عليه وسلم ... فلذلك من جزم بسماع الموتى وأكد بأن النصوص دالة على ذلك مثل العلامة الشنقيطي في أضواء البيان وقبله جملة من الأئمة فكلامهم واضح في الاستثناءات وجميع ما تكلموا به في هذه المسألة هو أصل سماعهم ، وليس مطلق سماعهم وهذا أمر دقيق يجب التنبه له ...
ومن منع من أهل العلم سماع الموتى فكلامه على الأصل وهو أن الموتى لا يسمعون ، وما ورد من استثناءات فإنه يستثى في وقته ولا يقاس عليه ، بل ولا يؤخذ منه العموم ... هذا خلاصة البحث في المسألة .

ومن أراد المزيد فهذه بعض المراجع :
ـ فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ( الفرقان ) و( قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ) ...
ـ كتاب الروح لابن القيم ـ فقد أطال النفس رحمه الله في الكلام على هذه المسألة ـ .
ـ أهوال القبور لابن رجب ـ الفصل الثامن من الكتاب بأكمله ـ
ـ الأيات البينات في عدم سماع الأموات عند الحنفية السادات لنعمان الآلوسي مع تحقيق الألباني .
ـ مقدمة الألباني على تحقيق كتاب الآيات البينات .
ـ تفسير القرطبي 13 / 232
ـ روح المعاني للألوسي الأب 6/ 455 .
ـ أضواء البيان للشنقيطي 6 / 416 ـ 421 .
ـ فتح الباري لابن حجر 7/ 242
ـ شرح النووي لصحيح مسلم 17 / 206
ـ المحلى لابن حزم ـ كتاب الجنائز ـ
ـ التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة للقرطبي 1/ 409 ط.دار المنهاج ، ولاحظ تراجم المؤلف على الفصول .
ـ مرقاة المفاتيح للمناوي ـ شرح حديث القليب ـ
ـ البحور الزاخرة في علوم الآخرة للسفاريني 1 / 145 ط. غراس .
ـ راجع كلام الألباني على بعض الأحاديث في السلسلة الضعيفة ، الأحاديث : 5520 ، وما بعده . والحديث رقم 4439 وما بعده .